عندما جيء بسبايا بني طيئ إلى المدينة المنورة بعد معركة السنة التاسعة للهجرة، أُدخل السبي على النبي ﷺ، وكان من بينهم سفانة بنت حاتم الطائي. كانت سفانة امرأة ذات جمال ظاهر وخلق باطن، طويلة معتدلة القوام (عيطاء)، جميلة الفم والشفتين (لعساء)، واسعة العينين (عيناء).
عندما تحدثت سفانة، بهر الحاضرون بعذوبة منطقها وفصاحتها، حتى نسوا جمالها. خاطبت النبي ﷺ قائلة:
"يا محمد، هلك الوالد، وغاب الوافد، فإن رأيت أن تُخلي عني ولا تُشمت بي الأعداء من قبائل العرب، فإني ابنة سيد قومي. كان أبي يحب مكارم الأخلاق، يُطعم الجائع، ويُفك العاني، ويكسو العاري. ما أتاه طالب حاجة إلا ورده معززًا مكرمًا."
فسألها النبي ﷺ:
"من والدك ومن وافدك؟"
فقالت:
"والدي حاتم بن عبد الله الطائي، ووافدي أخي عدي بن حاتم."
كان عدي قد فر إلى الشام بعد هزيمة بني طيئ، واعتنق النصرانية هناك، فلجأ إلى ملك الروم.
قال النبي ﷺ:
"فأنت ابنة حاتم الطائي؟"
قالت: "بلى."
فقال ﷺ:
"يا سفانة، هذه الصفات التي ذكرتِها إنما هي صفات المؤمنين."
ثم أمر أصحابه قائلًا:
"أطلقوها كرامة لأبيها، فإنه كان يحب مكارم الأخلاق."
سألت سفانة النبي ﷺ:
"أنا ومن معي من قومي من السبايا؟"
فقال ﷺ:
"أطلقوا من معها كرامة لها ولأبيها."
ثم قال النبي ﷺ:
"ارحموا ثلاثًا، وحق لهم أن يُرحموا:
- عزيزًا ذل بعد عزه.
- غنيًا افتقر بعد غناه.
- عالمًا ضاع بين جُهال."
تأثرت سفانة بهذا الخلق العظيم، فقالت مطمئنة:
"أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا رسول الله."
أسلم معها بقية السبي من قومها، وردّ رسول الله ﷺ ما غنمه المسلمون من بني طيئ إلى سفانة.
عندما تجهزوا للرحيل، طلبت سفانة من النبي ﷺ أن يمنح الأمان لمن تبقى من قومها في الجبال ليأتوا إليه ويسلموا. فقال ﷺ:
"سأبعث معكم رجلًا من أهل بيتي، دعوته كدعوتي، يحمل إليهم أماني."
سألت سفانة:
"من هو يا رسول الله؟"
فقال:
"علي بن أبي طالب."
المصادر:
- السيرة النبوية لابن هشام.
- الإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر العسقلاني.
- تهذيب الكمال للمزي، حيث ورد ذكر صفات حاتم الطائي ومكارمه.
- الأحاديث النبوية حول مكارم الأخلاق في كتب الحديث المعتمدة (صحيح البخاري، صحيح مسلم).
- البداية والنهاية لابن كثير (أحداث السنة التاسعة للهجرة).
هل ترغب بإضافة أي تحسينات أو تفصيلات أخرى؟