أنا ليلى، امرأة بلغت الستين من العمر. لم أعمل ولم أكمل دراستي، ولم يكن لي نصيب كبير من الجمال. لم يتقدم أحد لخطبتي حتى تجاوزت الثلاثين، وكنت أظن أنني سأبقى وحيدة. لكن فجأة جاءتني الخاطبة بخبر تقدم شاب لخطبتي.
قالت إنه يُدعى سامي، في الثالثة والثلاثين من عمره، لم يسبق له الزواج، ويعمل مع والده في شركته الخاصة. أرتني صورته، فوجدته وسيمًا جدًا. راودني سؤال واحد: لماذا قد يتقدم لخطبتي؟ عندها، كشفت لي الخاطبة عن السر... لقد فقد بصره قبل خمس سنوات، وأجرى عدة عمليات دون جدوى.
جلست أندب حظي، لكن جدتي، رحمها الله، قالت لي: "لعل في الكفيف حياة يملؤها العبير، اجلسي معه أولًا ثم قرري."
وبالفعل، التقينا... ويا له من شخص رائع! كان خفيف الظل، يأسر القلب بلحظات. لم أتمالك نفسي من الإعجاب به، وتمت خطبتنا سريعًا، ثم تزوجنا خلال شهرين فقط.
في البداية، كنت خائفة. فقد أخبرني عن حياته قبل فقدانه البصر، كيف كان عاشقًا للسهر، مفتونًا بالجمال، هاربًا من المسؤولية. كنت أخشى أن يثقلني بأعبائه، لكنه فاجأني! كان يعتمد على نفسه تمامًا، بل ويساعدني في كل شيء. تغيرت شخصيته تمامًا، وأصبحت بصيرته أقوى من أي شخص مبصر.
أنجبنا أربعة أطفال، وكان زوجًا حنونًا لم يشعرني لحظة واحدة بأنه يعاني من أي نقص. قام بكل واجباته كزوج وأب بلا تقصير، فأحببته بجنون. لكن كان هناك خوف يسكن داخلي... كنت مرعوبة من فكرة أن يستعيد بصره يومًا ما، فيراني على حقيقتي ويعود لحياته السابقة، فأنا لست جميلة!
على مدار سنوات، خضع للعديد من العمليات لزراعة قرنية، لكنها دائمًا ما باءت بالفشل. ومع ذلك، لم يفقد الأمل، وكأن الله كان يؤجل الأمر لحكمة لا نعلمها. مرت عشر سنوات كأنها حلم، وفجأة جاءت اللحظة المنتظرة... تم التحضير لعملية جديدة، ونجحت!
حين أخبرني الطبيب أن بصره قد عاد، شعرت برعب لم أختبره من قبل. جلست في زاوية الغرفة، أراقبه بصمت. رأى أطفاله أولًا واحتضنهم بحب، ثم قبّل يدي والدته ووالده. بعدها بدأ يبحث عني بعينيه... وعندما وقعت عيناه عليّ، ابتسم وقال: "عروسي الجميلة، أخيرًا أراكِ!"
لم أتمالك دموعي، لكنها لم تكن دموع فرح... كنت خائفة من رد فعله عندما يقترب مني. لكنه مدّ يده وقال: "اقتربي، أريد أن أراكِ جيدًا." تقدمت نحوه بصعوبة، بينما قدماي ترتجفان. وحين أصبحت أمامه، ضحك وقال: "أنتِ أجمل مما تخيلت بكثير"، ثم أمسك يدي وقبّلها أمام الجميع.
ظل صوت الشك في داخلي يهمس: "ربما فعل ذلك حتى لا يحرجني أمامهم، لكن معاملته ستتغير لاحقًا..." إلا أن العكس حدث! ازداد حبه لي، ولم تتغير نظرته تجاهي أبدًا، رغم أن الجميلات كنّ حوله في العمل وبين أفراد العائلة.
وحين توفي والداي، انطويت على نفسي من الحزن، لكنه لم يتركني وحدي. احتواني تمامًا، وأصبح لي أبًا وأمًا قبل أن يكون زوجي.
مرت السنوات، ولم يتغير حبه لي لحظة. عندها فقط، أدركت حكمة الله فيما حدث... فلولا أنه فقد بصره، لما رآني بقلبه قبل أن يراني بعينيه.
كانت جدتي على حق حين قالت:
"لعل في الكفيف حياة يملؤها العبير... فقط تزوجي من يحتويكِ."